ورشة عمل (تطوير الدماغ والذاكرة في العالم الرقمي)
اقام قسم علوم الحاسوب في الكلية ورشة عمل بعنوان تطوير الدماغ والذاكرة في العالم الرقمي وذلك بتاريخ 2019/3/29 القاها الدكتور زياد طارق مصطفى
يعمل التقنيون على وسائل متنوعة لتفادي الموت ومنها تحميل الدماغ البشري على الكومبيوتر.
ويسعى رواد الأعمال في وادي السيلكون وخارجه إلى إيقاف ما يعرف بالشيء الوحيد الذي لا يمكن تفاديه في هذه الحياة… وهو الموت.
خزن الذاكرة الحية
يعمل علماء الكومبيوتر ومهندسو الذكاء الصناعي على تطوير برامج تسمح للناس، من الناحية النظرية، بتفادي الموت، وتفتح الباب أمام الحياة الأبدية ومعها الكثير من التساؤلات الأخلاقية والفلسفية.
تتشابه بعض هذه الاختراعات بشكل مخيف مع تلك التي نشاهدها في سلسلة الخيال العلمي «بلاك ميرور». إذ تعتقد شركة «نيتكوم» الناشئة مثلاً أن الإنسان سيصبح قادراً على رقمنة وعيه خلال القرن المقبل.
يدعي روبرت ماكنتاير ومايكل ماك كانا، مؤسسا «نيتكوم» وخريجا معهد ماساتشوستس للتقنية أنهما نجحا في حفظ وخزن خريطة الاتصالات العصبية لأحد الحيوانات، هذه الخريطة التي تلعب دوراً أساسياً في تخزين الذاكرة، وهما يبحثان أيضاً عن إمكانية توسيع هذه التقنية لتشمل الدماغ البشري.
في الوقت نفسه، يعمل الباحثان أيضاً على تطوير تقنيات مسح دماغي هدفها رقمنة العقل.
يقول معهد ماساتشوستس للتقنية إن الاعتبارات العملية التي تتم مراعاتها خلال البحث تشمل المساواة في تأمين الحاجات وعدالة توزيع الثروات حول العالم، ولكن يصعب التكهن بما ستكون عليه محاكاة الكومبيوتر للدوائر العصبية على الصعيد العاطفي.
من جهته، يشكك الفيلسوف والمتخصص في أخلاقيات علم الأحياء جون هاريس في استطاعة حتى أكثر الأشخاص عقلانية من الاستمرار على قيد حياة في صيغة افتراضية. ويضيف: «نحن مخلوقات من لحم ودم، ومن الصعب أن أتخيل أننا نستطيع الاستمرار في هذا الوجود في وضع غير جسدي».
ولكن ماكنتاير وماك كانا ليسا الوحيدين في اعتقادهما أن الدماغ، أو على الأقل العقل البشري، يمكن تحميله على الكومبيوتر.
دماغ «سحابي»
يتوقع راي كورزويل، مدير قسم الهندسة في «غوغل» أنه بحلول عام 2030، سيكون البشر قادرين على وصل أدمغتهم بالسحابة الإلكترونية. ويشاركه في هذا المعتقد المستثمر سام آلتمان، الشريك المؤسس في برنامج «واي كومبينيتور» الذي يمول ويدعم الشركات الناشئة.
وفي إطار شرحه للسبب الذي دفعه للانضمام إلى لائحة مشتركي «نيتكوم»، قال كورزويل لمجلة معهد ماساتشوستس للتقنية: «أعتقد أن دماغي سيتم تحميله على السحابة».
في المقابل، يرفض علماء أعصاب وكومبيوتر آخرون فكرة «تحميل الدماغ» ودعوا إلى المساءلة في أخلاقيات «نيتكوم» بعدما حذر ماكنتاير من أن خطته لدعم الدماغ «قاتلة مائة في المائة». بمعنى آخر، على الزبون أن يوافق على الخضوع للقتل الرحيم بهدف الحفاظ على حيوية الدماغ قبل حفظه.
في أبريل (نيسان)، قطع مختبر معهد ماساتشوستس الإعلامي علاقاته بالشركة الناشئة، على الرغم من دعمه للبحث في بداية الأمر، معتبراً أن علم الأعصاب لم «يتقدم بالشكل الكافي» الذي يتيح معرفة ما إذا كان يمكن حفظ الذاكرة والعقل، أو ما إذا كان بالإمكان إعادة تكوين وعي الإنسان.
الخلود الرقمي
يعتقد رواد أعمال تقنيون آخرون أن الخلود الرقمي يمكن تحقيقه عبر وسائل أقل تدخلاً.
إذ يعمل علماء الذكاء الصناعي على تطوير صور رمزية رقمية تنسخ شخصيات المستخدمين ويمكنها أن تستمر في التواصل مع المقربين بعد وفاة أصحابها. وقد ابتكر حسين رحناما، أستاذ زائر في مختبر ماساتشوستس للإعلام، برنامجاً يستطيع استخراج غيغابايتات البيانات التي يولدها الأشخاص يومياً بهدف ابتكار نماذج افتراضية من عقولهم.
بعدها، سيتمكن البرنامج الذي يحمل اسم «الخلود المعزز» (Augmented Eternity) من نقل ذكريات من حياتكم ومن الإجابة على أسئلة حول بعض المواضيع، كآرائكم السياسية، بناءً على المعلومات المحزنة في بياناتكم.
يفكر رحناما أيضاً في إدخال البيانات في برنامج يحاكي الحديث البشري بعد وفاة أصحابه، مما سيسمح لهم بالبقاء قريبين من الشؤون اليومية وحتى تكوين الآراء أو المشاركة في الأحداث التي تحصل بعد موتهم.
وقال رحناما إن لديه زبونا واحدا متوقعا، وهو مؤسس شركة معروفة عالمياً، يسعى إلى استخدام التقنية للاستمرار في توجيه زملائه الذين يعملون في تطوير شركته بعد موته، على الرغم من معرفته بأن مشروعه سيثير عدداً من التساؤلات. ولفت رحناما إلى أن هذا الأمر يثير الكثير من التساؤلات البحثية حول خصوصية البيانات ودقة هذه الاستجابات.
ولكن فكرة الصورة الرمزية وقدرتها على تمثيلنا بشكل مطابق بعد الموت «غير منطقية» بالنسبة للفيلسوف هاريس. واعتبر الأخير، وهو أستاذ زائر في جامعة «كينغز كوليدج لندن»: «يمكنكم أن تستنتجوا من خلال مواقفي العامة ما سأقوله حول عدد من القضايا، ولكنني لن أكون، بأي شكل من الأشكال، أنا المتحدث».