Preaload Image
Back

كلية العلوم  |  جامعة ديالى

المقال العلمي الاسبوعي

أصل تكون النفط (نظريات تكون النفط) 

بقلم الدكتور منذر ظاهر نصيف 

/ رئيس قسم جيولوجيا النفط والمعادن
جامعة ديالى/ كلية العلوم
 
هناك نظريتين تفسر نشأة النفط هما : نظرية الأصل العضوي ونظرية الأصل  الغير عضوي  
اولا: نظرية الأصل العضوي :
    تنص هذه النظرية على أن النفط  قد تكون من بقايا بعض الكائنات الحية( الحيوانية والنباتية) وبخاصة الأحياء البحرية الدقيقة، التي تجمعت مع بقايا كائنات أخرى بعد موتها في قيعان البحار والمحيطات، واختلطت برمالها، وبرواسب معدنية أخرى، وتحولت تدريجيا إلى صخور رسوبية، وتزايد سمكها، ثم تعرضت لضغوط هائلة، وارتفعت حرارتها إلى درجات عالية جدا بفعل تحركات القشرة الأرضية، وتأثيرات حرارة باطن الأرض، فتكونت طبقات الصخور الرسوبية التي تسمى بصخور المصدر، وفي ثناياها تحولت البقايا العضوية الغنية بالكربون والهيدروجين إلى مواد هيدروكربونية، تكون منها النفط  والغاز الطبيعي؛ نتيجة عوامل الضغط والحرارة والتفاعلات الكيميائية، والنشاط البكتيري الذي قام بدور مهم في انتزاع الأوكسجين والكبريت والنيتروجين من المركبات العضوية بخلايا الكائنات الحية. 
 تعتبر نظرية الأصل العضوي للبترول هي الأكثر قبولا بين العلماء المعاصرين لأسباب عديدة منها:
  • اكتشاف الغالبية العظمى من حقول النفط  في الصخور الرسوبية، وبالقرب من شواطئ البحار، أو في قيعانها مثل خليج السويس والخليج العربي وبحر الشمال. أما النفط  الموجود في بعض الصخور النارية أو المتحولة، فإن مصدره هو الهجرة من صخور رسوبية مجاورة.
  • أن الزيت المستخرج من باطن الأرض يحتوي، عادة، على بعض المركبات العضوية، التي يدخل في تركيبها النيتروجين والفوسفور والكبريت، وهي عناصر لا توجد في كربيدات الفلزات Carbides، بل توجد في خلايا الكائنات الحية فقط، سواء كانت حيوانية أم نباتية.
  • تميز النفط  بخاصية النشاط الضوئي التي تكاد تنفرد بها المواد العضوية. ولما كانت المواد العضوية المترسبة هي المصدر الأساسي الذي نشأ منه النفط ، فإن صفاته الطبيعية وخصائصه الكيميائية تختلف باختلاف طبيعة الكائنات الحية، ومكونات الصخور الرسوبية الحاوية له، وهناك معايير ضرورية لتقويم صخور المصدر، من حيث إمكان وجود النفط  فيها ونوعه، وإمكان إنتاجه، منها أن تكون صخور المصدر غنية بالمواد العضوية، وألا يقل الحد الأدنى للكربون العضوي في هذه الصخور عن 0.4 – 0.5%، ومنها تحديد أنواع المواد العضوية النباتية أو الحيوانية، التي تتحكم في نوع النفط ، ومنها تعرف مستوى توليد الهيدروكربونات المولدة وطردها، ثم يأتي تقدير الاحتياطيات المؤكدة جيولوجيا، وإمكان استخراجها بالتكنولوجيا المتاحة وبالكمية المناسبة، التي ينبغي ألا تقل عن 20% من النفط  المختزن في المصيدة، ويمكن أن تصل إلى 80% منه، وفي أمريكا الشمالية تعد نسبة 30-35% معدلا اقتصادياً جيداً لاستغلال الحقل النفط ي. وفي تقدير المخزونات النفطية تعطي الأولوية لتحديد سمك واستمرار الصخور الخازنة Reservoir Rocks، ومسامية هذه الصخور ونفاذيتها، والضغوط التي يتعرض لها الزيت.
ثانيا: نظرية الاصل غير العضوي :
     تنص على ان نشأءة النفط   من اصل  غير عضوي، وأنه معدني الأصل، تكوّن نتيجة لتعرض بعض رواسب كربيدات الفلزات الموجودة في باطن الأرض لبخار الماء، ذلك لأن كربيد الكالسيوم يتفاعل مع الماء مكونا الهيدروكربون غير المشبع “الأسيتلين”. ولكن الندرة الشديدة لرواسب الكربيدات، يصعب معها تصور أنها كانت موجودة بكميات هائلة وكافية، لتكوين ما استخرج، فعلا، من زيت النفط  وما لا يزال موجوداً في باطن الأرض. وجيولوجيا فمثل هذه الكربيدات إن وجدت فلابد أن تكون في ثنايا الصخور البركانية Volcanic Rocks، بدليل خروج غازات هيدروكربونية من فوهات البراكين، بينما لا يوجد النفط  إلا في طبقات الصخور الرسوبية. 
الى جانب النظرية المعدنية لنشأة النفط  هناك النظرية الكيميائية، التي تفترض أن بعض الهيدروكربونات قد تكونت في الزمن القديم باتحاد الهيدروجين بالكربون، ثم انتشرت في باطن الأرض، واختزنت فيها، وتحولت إلى زيت النفط ، الذي بدأ يتسرب إلى سطح الأرض عن طريق بعض الشقوق والصدوع في القشرة الأرضية، أو عن طريق حفر آبار الاستكشاف أو المياه، وظهرت الهيدروكربونات على هيئة غازات طبيعية وبترول، أو بقيت في بعض الطبقات المسامية. ومن قرائن النظرية الكيميائية وجود احيتاطيات هائلة من النفط  في مناطق صغيرة جداً في مساحتها كالخليج العربي، تقترب من ثلثي الاحتياطي المؤكد للبترول العالمي، ولا يعقل أن تكون هذه المساحة مكان تجمع بالغ الضخامة من بقايا الكائنات الحية. وهذه النظرية تعني أن هناك احتمالات كبيرة للغاز الطبيعي والنفط  في أماكن كثيرة من الأرض، وأن باطن الأرض يحتوي على مصدر لا ينضب من الهيدروكربونات المكونة للبترول. ويثق بعض العلماء من الولايات المتحدة والسويد وروسيا بصدق هذه النظرية إذ جرى الحفر على أعماق تناهز خمسة آلاف متر أو أكثر، بل إن عمق بعض الآبار الاستكشافية في روسيا وصل إلى 15كم.

 والى اللقاء في مقال أخر أن شاء الله……

للاطلاع على المقالات السابقة اضغط هنا