مقالة بعنوان: ثورة الإمام الحسين عليه السلام امتداد لرسالة النبي محمد ﷺ .
بقلم أ.دليث عبد اللطيف لم تكن ثورة الإمام الحسين بن علي عليه السلام حدثًا عابرًا في التاريخ الإسلامي، بل كانت صرخة وعي وضمير، وموقفًا إيمانيًا يعكس جوهر الإسلام الذي جاء به النبي محمد ﷺ. لقد خرج الحسين لا طلبًا للسلطة، ولا رغبة في الجاه، وإنما طلبًا للإصلاح في أمة جده، كما عبّر عن ذلك بوضوح في قوله:”إني لم أخرج أشِرًا ولا بَطِرًا ولا مُفسدًا ولا ظالمًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله…” فبعد وفاة النبي ﷺ، بدأت ملامح الانحراف عن القيم الإسلامية الأصيلة بالظهور شيئًا فشيئًا، حتى وصلت إلى ذروتها في زمن حكم يزيد بن معاوية، حيث أصبح الحكم ملكًا وراثيًا، وتفشى الفساد، وتجاهلت السلطة مبادئ الشورى، والعدل، والكرامة الإنسانية. وفي ظل هذه الظروف، كان من الطبيعي أن يتحرك صوت الحق من آل بيت النبوة، لا ليطالب بالسلطة، بل ليعيد للأمة لقد جاء النبي محمد ﷺ برسالة تقوم على التوحيد، والعدل، والرحمة، وكرامة الإنسان. لقد ثار على الجاهلية والظلم والطغيان، وبنى دولة قائمة على القيم والأخلاق. وما فعله الإمام الحسين في كربلاء لم يكن إلا استكمالًا لهذا النهج.فكما وقف النبي ﷺ في وجه طغيان قريش، وقف الحسين في وجه انحراف بني أمية، وكما دعا النبي إلى إحياء القيم الربانية، دعا الحسين إلى نفس الهدف، ولو كلّفه ذلك حياته وحياة أهل بيته وأصحابه. كذلك جسّدت كربلاء جوهر الدعوة المحمدية في أنصع صورها: الصبر، والتضحية، والثبات على المبدأ، ورفض الذل والخنوع. لقد أصرّ الإمام الحسين على ألا يعطي “بيعة الذل”، وقال كلمته الخالدة:”هيهات منا الذلة!”وهذه الكلمة هي ذاتها صدى لمواقف النبي ﷺ يوم حوصر في شعب أبي طالب، أو عندما طُلب منه أن يساوم على دعوته مقابل المال أو الجاه فقال:”والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته.” وان من الخطأ اختزال ثورة الحسين في كونها معركة عسكرية فحسب. إنها في جوهرها ثورة قيم ومبادئ، جاءت لتعيد للأمة وعيها، وتفتح عيونها على الانحراف الحاصل في مسار الحكم والدين. لذلك فإن الحسين لم يُهزم في كربلاء، بل انتصر. انتصر بقيمه، وصبره، وموقفه، وشهادته. انتصر لأنه أعاد الحياة لرسالة جده ﷺ التي كادت أن تُطمس تحت أقدام المستبدين. وختاما إن ثورة الإمام الحسين عليه السلام لم تكن سوى فصل من فصول الرسالة المحمدية، وامتدادًا طبيعيًا لها. فكما واجه النبي ﷺ الجاهلية الأولى، واجه الحسين الجاهلية الجديدة التي لبست ثوب الإسلام زورًا. ومن هنا، فإن كربلاء ليست ذكرى ماضٍ، بل هي منهج دائم يُلهم الأحرار في كل زمان ومكان أن يقفوا بوجه الظلم، ويضحوا من أجل العدالة، ويُحيوا في الناس رسالة النبي محمد ﷺ من خلال الموقف والكلمة والدم.
