لقاء السيد العميد بطلبة الكلية وكلمته حول الزي الموحد في الجامعات العراقية
م. بايولوجي عبد الله سامر
لقاء السيد العميد بطلبة الكلية وكلمته حول الزي الموحد في الجامعات العراقية
إنّ الهدف الأساسي للعملية التربوية والعلمية في الجامعة هو الطالب ؛ وإنّ الغرض من هذه العملية هو بناء شخصية الطالب ، وإعداده بطريقة جيدة وتنمية قدراته لمواجهة الصعوبات في الحياة العملية. ولأجل بناء الشخصية الفعالة في المجتمع نوجه عنايتنا الأبوية للطالب ، ونحاول بكل ما أوتينا مراعاته نفسياً فضلاً عن الجوانب العلمية والثقافية لنخرج أجيالاً يُشاركون بدور فعال في بناء الوطن الحبيب …
ومن التقاليد الجامعية (الزي الموحد) ، وقد أثار هذا الموضوع ردود أفعال واسعة النطاق بين مؤيد ورافض سواء أكان من قبل الطلبة أنفسهم أم من أولياء أمورهم والقائمين على العملية التربوية في الجامعات ، ولكل واحدٍ منهم أسبابه وتبريراته ، ومن ذلك نجد أنّ أولياء الأمور يؤكدون أن قرار الزي الموحد سيذيب الفوارق بين الطبقات ، ويحقق المساواة ويمنع الحقد بين الطلاب ، ويشجعهم على إرتداء الزي الموحد كما يشيع في أنفسهم روح الإنتماء للجامعة ، والدراسة الأكاديمية ، كملائكة الرحمة من الأطباء والكادر الصحي في مؤسساتنا الصحية وهم بصداريهم البيضاء.
فيما يؤكد القائمون على العملية التدريسية أنّ قرار الإلتزام بالزي الموحد في الجامعة سيمنع كرنفالات الأزياء الحديثة التي إنتشرت بعد عام 2003 بحجة الوضع الأمني ، وأنّه سيقضي على ظاهرة البنطلونات الضيقة المليئة بالرسومات والنقوشات الخاصة الغريبة وربما غير المحتشمة أحياناً ، وسيوفر الوقت الذي كان يتم هدره في إختيار ملبس لكل يوم.
ومن موقع المسؤولية والرعاية الأبوية لطلابنا الأعزاء نود أن نبين وجهة نظرنا فيما يخص هذا الموضوع ونقول: أننا نعمل جاهدين لبناء شخصية وأنموذج يُقتدى به ، فالطالب عماد المجتمع ومستقبله ، وهو أمل هذه الأمة للّحاق بمصاف الدول المتقدمة ، وأنّ الإلتزام بالزي الموحد مهم في عصر يتسم بالإنفتاح السريع وغير الطبيعي في العالم ، فالزي الموحد تسليح لطلبتنا ليكونوا قادرين على مواكبة التغيير في العالم ومواجهته بشكل سوي (نفسياً) ، ولا يمكن لنا أنْ نكون في مصاف الدول الكبرى مالم يكن قادة مجتمعنا وأمل مستقبلنا رجالاً يتحلّون بصفات الإلتزام والإنضباط التي هي أساس بناء الدول ، وما لم تكن بناتنا من الطالبات بمستوى رفيع من الإحساس بالمسؤولية والإلتزام بأخلاق وعادات مجتمعنا المحافظ وتعاليم ديننا الحنيف بتجنب لبس الملابس الغريبة.
وقد كان الزي الموحد المتعارف عليه سابقاً هو اللون الرصاصي للبنطلون أو التنورة ، واللون الأبيض للقميص ، والنيلي للسترة أو الجاكيت وبنوعية خاصة من القماش ، وكان الطالب يفتخر بارتدائه له حتى أن بعضهم يحتفظ به بعد تخرجه من الجامعة إعتزازاً به ، وحباً بالأيام التي قضاها في الدراسة الجامعية.
ولتطبيق الزي الموحد في الجامعات العراقية أثرٌ في جوانب متعددة من الحياة ومنها: الجانب الإقتصادي ، إذ تتحقق بتطبيقه المساواة بين الطلبة لتقليل الفوارق الإقتصادية -كما ذكرنا آنفاً- وبه يتساوى الغني والفقير ، وأنّ عدم تطبيقه أدى -في أغلب الأحيان- إلى شعور الطالب بعدم المساواة ، ومن ثمّ عدم الإرتياح والتوتر النفسي ، ولا سيما أنّ الطالب في مرحلة عمرية سريعة التأثير والتأثر ، وهذا الأمر قد يؤدي إلى خلق شخصية معقدة تتسم بالكآبة والإنطوائية ، أمّا على مستوى الجانب الثقافي فلتطبيقه الأثر الكبير الواضح في خلق ثقافة معينة للطالب إذ يشعر الطالب بالإنتماء إلى الجامعة ، وأنّه جزء لا يتجزأ منها ، فالزي الموحد يُشعره بإنتمائه لمكان واحد يهيئ جميع الطلبة علمياً ونفسياً وعلى مستوى واحد.
وللزي الموحد أثر إجتماعي ، فهو يجعل الطالب يفتخر بنفسه ، وانّه يرتدي زياً خاصا يمنعه من التصرفات غير اللائقة ، وهو هوية الطالب إذ بإرتدائه يحصل الطالب على إحترام أكثر ، ومجتمعاتنا تنظر له بعين الإحترام والتقدير ؛ لأنّه طالب علم فضلاً عن إنه يمنحه مظهراً متميزاً ولا سيما أنّ الألوان تتميز بالهدوء والحشمة بما يتلائم مع مجتمعاتنا المسلمة.
ومن هنا يتضح لنا أنّ (الزي الموحد) يرفع من شأن الطالب ، وهو ليس بتقييد لحريته أبداً ، بل عليه أن يفتخر لإرتدائه له فالطالب قدوة هذا المجتمع ، وعلى القدوة أنْ يتحلى بكل الصفات التي تبني الإنسان علمياً وثقافياً وإجتماعياً ، وأنّ لكل مكان ملبس يُلائمه. أما إذا أردنا الحديث عن المجتمعات الغربية ومحاولة تقليدها فأن هذه المجتمعات لا تطبق (الزي الموحد) في الجامعات ؛ لأنهّا مجتمعات منضبطة قانونياً ، وعاداتها تختلف عن عادات مجتمعنا المسلم. وبإمكان الطالبات التحكم بلون الشال والحذاء والحقيبة والإكسسوار ، ولكن ربما لن تجد الطالبة الموديل (الفصال) الذي يعجبها وباللون المحدد للزي ، ويمكن بمجهود قليل والإطلاع على أكثر من محل وربما الإستعانة بخياطة الحصول على ذلك. وبإمكان الطلبة إرتداء بنطلون الكتان الرصاصي الخالي من الكتابات والإعلانات.كما أن الكلية لا تخلو من المناسبات المفرحة والنشاطات الثقافية كالمهرجانات وحفلات التعارف وإحتفالات يوم الكلية التي يقيمها الطلبة دون الإلتزام بالزي الموحد.
بعض الطلبة ، يؤيدون فكرة الزي الموحد في الجامعات العراقية ويعتبرونها مثالاً حضارياً يُحتذى به ويعتبرونه الأمثل للقضاء على عرض الأزياء الذي يحدث في الجامعات هذه الأيام ، فالداخل إلى مراكز الكليات يجد فيها كرنفالاً لعرض الأزياء والموديلات الحديثة ويجدها مركزا لرواج مختلف العطور وهذه الأشياء تؤثر على المسيرة العلمية في البلد ، فبعض الطلبة وبالأخص الطالبات بدل من أن يهتموا بدروسهم وواجباتهم وكيفية تجاوز السنة بنجاح يتجه إهتمامهم نحو القميص الفلاني لان المطرب والمطربة العلانية لبسته في تصوير كليبها الجديد، وإن الممثل (س) إرتدى البنطلون الفلاني في فيلمه الأخير ، وبعض اماكن تجمع الطالبات ، لا يدور فيها سوى هذا بِكَم، وذاك بِكَم وهذا من أين إشتريته وذاك من أي منطقة أو محل إشتريته ، وهكذا يتغيب الطلبة عن المحاضرات ويجلسون في الكافتريا والحدائق دونما إهتمام بالتحصيل العلمي وهذا كله يعود بالسلب على الجامعة ومستواها العلمية.
تمنياتنا لطلبتنا الأعزاء بعام دراسي مفعم بالجد والنشاط والمثابرة والنجاح الباهر