Preaload Image
Back

كلية العلوم  |  جامعة ديالى

المقال العلمي الاسبوعي  

ما هو الطفيلي الذي حطم كبرياء جالينوس قيصر وأنقذ البشرية من شروره؟

بقلم  الاستاذ الدكتور عبد اللطيف مولان / التدريسي في قسم علوم الحياة

كلية العلوم / جامعة ديالى

الطفيلي هو دودة الخنزير الشريطية (Taeniasolium) والتي تعرف ايضا بالدودة الوحيدة لكون جسم الانسان لايقوى على ايواء اكثر من دودة واحدة وذلك لكبر حجمها من جهة ولدخولها في منافسة شديدة على الغذاء مع الشخص المصاب  الدودة الشريطيةالبقريةمن جهة ثانية. ومما تجدر الاشارة اليه ان  دودة الخنزير الشريطية تختلف عنوكذلك اتخاذه(يأوي الاطوار البالغة للطفيلي ) من حيث اتخاذها الانسان مضيفا نهائيا(Taeniasaginata)

 كمضيف وسطي (يأوي الاطوار غير البالغة للطفيلي)بالإضافة الى حدوث ما يعرف بالاصابة الذاتية (Autoinfection)  في حين تتخذ الدودة الشريطية البقرية الانسان مضيف نهائي فقط ولا تحدث الاصابة الذاتية  .ولهذه الاسباب تكون الاصابة بد ودة الخنزير الشريطية أخطر من تلك في حالة دودة البقر الشريطية.  من ملاحظة دورة حياة الدودة الوحيدة يتبين ان البيوض تخرج خارج جسم الانسان المصاب مع البراز اما بشكل حر او ضمن القطع الجسمية للطفيلي. وفي حالة ابتلاع البيوض من قبل نفس الشخص فأنها تفقس داخل الامعاء ثم تخترق اليرقات الفاقسة جدران الامعاء ويقوم الدم بنقلها وفي حالة استقرارها في أي عضو(كالقلب والدماغ واللسان)  فأنها تتكيس وتسبب ما يسمى بداء الكيسانيات (لاحظ الصور اعلاه). وفي حالة استقرارها في الدماغ فأنها تسبب الصرع بالإضافة الى بعضالاختلاطات العصبية. أما عند ابتلاع البيوض من قبل الخنازير فإنها تفقس داخل الامعاء ثم تخترق جدار الامعاء لتصل الى مجرى الدم وفي حالة استقرارها في الانسجة فإنها تتكيس وتبقى هاجعة الى ان يتم ابتلاعها من قبل المضيف النهائي حيث تتحول الى ديدان بالغة في الامعاء الدقيقة. قد يصل طول الدودة البالغة الى اكثر من سبعة امتار وتدخل في منافسة شديدة على الغذاء مع المضيف.

 اعتاد الرومان على تسمية الملك بالقيصر وكان القيصر جالينوس واحدا من اعتى الجبابرة الذين عاثوا في الارض فسادا فدمروا المدن وأهلكوا الحرث وسبوا النساء، وتشير البحوث والقصص المتناقلة عن هذا الشرير بانه كان مهووسا جنسيا لدرجة لا يفرق بين رجلا او امرأة، وهو الذي حول روما من جمهورية مسالمة الى امبراطورية توسعت على حساب الغير بقوة السلاح ونشر ثقافة الموت وجدير بالذكر ان  الكنيسة آنذاك  ومجلس الحكم لم يوافقوا على ما فعله القيصر. لقد أصيب  بمرض غريب وكان على اثره يصاب بنوبات صرع شديدة ولم يستطع طبيبه الخاص ولا الأطباء الذين استقدموهم من البلدان المجاورة على تشخيص مرضه حيث عانى من نوبات صداع شديدة تعقبها نوبات صرع متكررة الامر الذي أدى الى توقفه عن القيام بغزو الدول المجاورة وبقي على هذا الحال الى ان غيبه الموت حيث تم تحنيط جثته قبل دفنه. وبعد اكثر من مئة عام من وفاة جالينوس اقدم فريق طبي على تشريح جثته فوجدوا العديد من يرقات الدودة الوحيدة متغلغلة في دماغه شخصت فيما بعد على انها يرقات متكيسة للدودة الشريطية الوحيدة، وهكذا تحير الأطباء في عصره الى ما ال اليه مصير هذا الرجل المتكبر وانه لم يهزمه جيش او قوة طيلة فترة حياته وكيف ان يرقات بقدر حبة الحمص قتلت كبرياءه وخلصت العالم من شروره. أليس يرقات الدودة الوحيدة هي واحدة من جنود الله سبحانه وتعالى سخرها لتقضي على ظلم هذا الرجل وعدوانه ولتكن درسا لبقية الجبابرة والظالمين.  

للاطلاع على المقالات السابقة اضغط هنا