كلية العلوم | جامعة ديالى
المقال العلمي الاسبوعي
تكنولوجيا النانو والجزيئات المتراصفة بقلم المدرس المساعد احمد نصيف جاسم /التدريسيي في قسم علوم الفيزياء كلية العلوم / جامعة ديالى |
|
تتلخص فكرة استخدام تقنية النانو في إعادة ترتيب الذرات التي تتكون منها المواد في وضعها الصحيح، وكلما تغير الترتيب الذري للمادة كلما تغير الناتج منها إلى حد كبير وبمعنى آخر فإنه يتم تصنيع المنتجات المصنعة من الذرات، وتعتمد خصائص هذه المنتجات على كيفية ترتيب هذه الذرات، فإذا قمنا بإعادة ترتيب الذرات في الفحم يمكننا الحصول على الماس، أما إذا قمنا بإعادة ترتيب الذرات في الرمل وأضفنا بعض العناصر القليلة يمكننا تصنيع رقائق الكمبيوتر وإذا قمنا بإعادة ترتيب الذرات في الطين والماء والهواء يمكننا الحصول على البطاطس أو أي مادة أخرى. وما يعكف عليه العلم الآن أن يغير طريقة الترتيب بناءاً على النانو، من مادة إلى أخرى، وبحل هذا اللغز فإن ما كان يحلم به العلماء قبل قرون بتحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب سيكون ممكن، لكن الواقع أن الذهب سيفقد قيمته!!.
وتعتبر طرق التصنيع اليوم غير متقنة على مستوى الجزيئات. فالصب والطحن والجلخ وحتى الطباعة على الحجر، تقوم بنقل الذرات في مجموعات ضخمة، مثل محاولة تصنيع أشياء من مكعبات الليكو أثناء ارتداء قفازات الملاكمة، وفي المستقبل، سوف تسمح لنا تكنولوجيا التصغير أن نقوم بالتخلص من قفازات الملاكمة، وأن نقوم بترتيب مكونات البناء الجوهرية للطبيعة بسهولة وبدون تكلفة، وفي معظم الأحيان حسبما تسمح به قوانين الطبيعة، وسوف يكون هذا الأمر حيويا وهاما، إذا تعين علينا الاستمرار في ثورة مكونات الكمبيوتر لتمتد بعد القرن القادم، كما سوف تسمح بتصنيع جيل جديد تماما من المنتجات الأنظف و الأقوى والأخف وزنا بل والأكثر دقة ومن الجدير بالذكر أن كلمة (تكنولوجيا التصغير) أو (نانو تكنولوجي أصبحت شائعة إلى حد كبير، ويتم استخدامها لوصف العديد من أنواع الأبحاث حيث تكون أبعاد المادة المصنعة أقل من ۱۰۰۰ نانومتر، على سبيل المثال التحسينات المستمرة في الطباعة على الحجر نتج عنها عرض خطوط أقل من ميكرون واحد. فالكثير من توجهات التحسن في قدرة وحدات ومكونات الكمبيوتر ظلت ثابتة خلال ال 50 سنة الأخيرة، وهناك اعتقاد شائع أن هذه التوجهات سوف تستمر على الأقل لعدة سنوات، وبعد ذلك سوف تصل الطباعة الحجرية إلى حدودها في ذلك الوقت فإذا تعين علينا الاستمرار في هذه التوجهات يجب أن نقوم بتطوير تكنولوجيا تصنيع جيدة تسمح لنا ببناء أنظمة كمبيوتر بشكل غير مكلف، بواسطة كميات من العناصر المنطقية التي تكون جزيئية في كل من الحجم والدقة، ومرتبطة ببعضها البعض من خلال أنماط معقدة وبالغة الحساسية، وسوف تسمح تكنولوجيا التصغير بالقيام بذلك .
ويمكننا استخدام مصطلح (تكنولوجيا التصغير الجزيئية) أو (التصنيع الجزيئي بدلا عن (النانو تكنولوجي) ولكن أتيا كان المصطلح الذي نقوم باستخدامه، فإنه يتعين عليه أن يسمح لنا بان نقوم بشكل جوهري بوضع كل ذرة في المكان الصحيح، وأن نجعل كل هيكل متناسق مع قوانين الطبيعة التي يمكن أن نحددها بالتفاصيل الجزيئية، مع عدم تجاوز تكاليف التصنيع بشكل بالغ لتكلفة المواد الخام والطاقة المطلوبة .. ومن الواضح أننا سوف نكون سعداء بأي طريقة تحقق بشكل متزامن الأهداف الرئيسية الكبرى، إلا أنه يبدو انه من الصعوبة استخدام بعض أنماط التركيب المكاني أي وضع أجزاء الجزيئات الصحيحة في المكان الصحيح وبعض أشكال النسخ المتطابقة الذاتية لتقليل التكلفة) وتنطوي الحاجة للحصول على التجميع المكاني على الاهتمام بالآليات الجزيئية (أي الأجهزة الآلية التي تكون جزيئية من حيث حجمها ودقتها). ومن المحتمل أن تقوم هذه الآليات المكانية على النطاق الجزيئي بإعادة تجميع النسخ البالغة الصغر من الأجزاء المقابلة لها المايكروسكوبية ويتم استخدام التجميع المكاني بشكل متكرر في التصنيع المايكروسكوبي اليوم مع ربط كلتا يديك خلف ظهرك ! ففكرة السيطرة على وضع الذرات الفردية والجزيئات لا تزال حديثة، إلا أنه يتعين علينا أن نستخدم على المستوى الجزيئي المفهوم الذي بين فعاليته على المستوى المايكروسكوبي، ونجعل الأجزاء تذهب إلى المكان الذي نريد منها الذهاب إليه . وينجم عن شرط التكلفة المنخفضة اهتمام بأنظمة تصنيع النسخ المتطابقة ذاتيا، حيث يمكن لهذه النظم القيام بعمل نسخ عن نفسها وتصنيع منتجات مفيدة فإذا أمكننا تصميم وبناء هذا النظام، فإن تكلفة تصنيع هذا النظام وتكاليف تصنيع الأنظمة المشابهة والمنتجات التي تعمل على إنتاجها (بافتراض قدرتها على إنتاج نسخ عن نفسها في بيئة غير مكلفة بشكل معقول سوف تكون منخفضة للغاية .
والى اللقاء في مقال أخر أن شاء الله……
للاطلاع على المقالات السابقة اضغط هنا