العامل الريسي (Rhesus Factor – Rh) وتأثيره على الجنين

كثيرا ما نسمع عن حالات عدم توافق دم المتزوجين الجدد وما ينتج عنه من مخاوف من تحلل دم الجنين وغيرها وسنتطرق في هذا المقال عن اسباب عدم تطابق الدم ونتائجه السلبيه والحيلولة دون حدوث مشاكل تذكر. فالدم :- هو عباره عن نسيج يدور في نظام مغلق من الاوعية الدموية ذات لون احمر قليل القلوية، قليل اللزوجة, دهني الملمس يتكون من كريات دم حمراء (Erythrocytes, RBC) وكريات دم بيضاء ( Leukocytes, WBC) والصفائح الدموية (Blood platelets) تشكل هذه الخلايا نسبة (45%) من حجم الدم بينما تشكل البلازما نسبة (55%) في الشخص البالغ. استطاع العالم Karl Landsteiner)) تصنيف مجاميع الدم الى اربعة انواع اعتمادا على وجود بروتينات سكرية (Glycoproteins) على سطوح كريات الدم الحمراء يطلق عليها اسم المستضدات (antigens), في حين ان بلازما الدم تحوي اجسام مضادة ((antibodies وهي

• مجاميع (A) :- تحمل كريات الدم الحمر (antigen-A) ويحوي بلازما الدم على  (B-(antibody.
• مجاميع (B) :- تحمل كريات الدم الحمر (antigen-B) ويحوي بلازما الدم على (A-(antibody .
• مجاميع (AB) :- تحمل كريات الدم الحمر (antigen-A) و(antigen-B)  ولا يحوي بلازما الدم على اجسام مضادة.
• مجاميع (O) :- لا تحمل كريات الدم الحمر التي تنتمي الى مجموعة O (Group-O) اية مستضدات ولكن يحوي بلازما الدم على الاجسام المضادة  (A-(antibody و (B-(antibody والشكل أدناه يبين المستضدات الموجودة على سطوح كريات الدم البيضاء , والاجسام المضادة الموجودة في بلازما الدم.  

 

 

ويمكن نقل الدم من شخص الى اخر اعتمادا على الاجسام المضادة فمثلا ان الفرد الذي ينتمي الى المجموعة (A) لاتحتوي بلازما الدم لديه على اجسام مضادة ل(antigen-A) وانما تحتوي على أجسام مضادة ل(antigen-B) والفرد الذي ينتمي الى المجموعة (B) لاتحتوي بلازما الدم لديه على اجسام مضادة ل (antigen-B) وانما تحتوي على أجسام مضادة ل(antigen-A) والفرد الذي ينتمي الى المجموعة AB)) فأن بلازما الدم لديه لا تحتوي على أي جسم مضاد. أما اذا كان الفرد ينتمي الى المجموعة O)) فأن الاجسام المضادة الموجودة في بلازما الدم هي (antigen-A) و (antigen-B) ويمكن نقل الدم بين الاشخاص حسب مجاميع الدم وكما مبين في المخطط أدناه.

 

   

 مخطط نقل الدم

فعند نقل دم شخص ما الى شخص اخر يحوي دمه على اجسام مضادة للشخص المتبرع فسوف يؤدي الى حصول تلازن(Agglutination) وهو نوع من التفاعل يحصل بين المستضد (Antigen) للشخص المتبرع والاجسام المضادة (Antibodies) للشخص المستلم, مما يؤدي الى تكتل كريات الدم الحمراء مع بعضها البعض وتحللها. والعامل الثاني المهم الذي يجب مراعاته عند نقل الدم هو العامل الريسي (Rhesus Factor – Rh) وهو من أهم الانظمة في نقل الدم بالإضافة الى نضام (O-A-B-AB), تم اكتشاف هذه العامل اول مرة عام 1940 عند عمل أبحاث على نوع من القردة يسمى (Rhesus monkeys) وقد اكتشف ان هذا العامل نفسه موجود لدى الانسان وهو بروتين يوجد على سطوح كريات الدم الحمراء, وفي حالة وجوده تسمى الفصيلة موجبة العامل الريسيRh+)) ويمثل حوالي (85%) من تعداد الافراد في العالم, وفي حالة عدم وجوده تسمى الفصيلة سالبة العامل الريسيRh-)) ويمثل حوالي (15%) من تعداد الافراد في العالم. لذلك عند اجراء عملية نقل دم يجب ان تكون الفصيلة المعطاة للمريض مطابقة لفصيلة المريض من حيث صنف الدم والعامل الريسي, حيث اذا اعطيت فصيلة غير مطابقة فأنه سيؤدي الى حدوث تجلط بكريات الدم الحمراء وتكسرها وترسيبها في الكلى مما يسبب الوفاة.

 

أما بالنسبة لفحص فصيلة الدم للمتزوجين فالمهم هنا نوع العامل الريسيRh)) اذا كان موجبا أو سالبا بغض النضر عن نوع الفصيلة (O-A-B-AB) حيث يؤثر على الجنين في حالات معينة وكالتالي:- 1. عندما تكون الام الحامل لها Rh+)) لا تحدث مشكلة سواء كان الزوج Rh+)) أو Rh-)) لان الجنين سواء كان Rh+)) أو Rh-)) فأنه لا تحدث مشكلة, لان Rh+)) يتقبل دم الRh-)) (لايُكًون أجسام مضادة ضده) 2.  أما عندما تكون الام Rh-)) والزوج Rh+)) ففيها حالتان  الأولى/  اذا كان الجنين Rh-)) فلا توجد مشكلة. الثانية/  اذا كان الجنين Rh+)) فسوف تحدث مشكله, حيث عندما يكون الجنين في بطن امه لا يوجد اختلاط اثناء فترة الحمل بين دم الام ودم الجنين, وعند الولادة تنتقل عبر المشيمة كمية صغيرة من دم الجنين الى دم الام فتتكون أجسام مضادة ضد Rh+)) لان جهاز مناعة الأم يقرأ الجسم الغريب الذي دخل لها فيبدأ بتكوين أجسام مضادة لهذا البروتين الموجب. لذلك فأن الجنين الثاني اثناء الحمل يكون معرضا الى اليرقان الحاد أو الوفاة نتيجة لتحلل الدم في حالة عدم حقن الأم بحقنة anti-D)) بعد الولادة الاولى مباشرة (خلال 72 ساعة) لان ذلك سيساعد الام للتخلص من أي دم كان قد تسرب اليها من الجنين اثناء الولادة وبذلك لاينتج دمها أجسام مضادة ويزول الخطر عن الطفل في الحمل الثاني.

 

هنا السؤال الذي يطرح نفسه هو بما انه لا يحدث اختلاط بين دم الام ودم الجنين فمن اين يتكون دم الجنين؟ وكيف يحصل على الاوكسجين والغذاء الضروري لفعالياته الحيوية؟ وفي حال كون Rh للأم سالب و Rh للطفل موجب وعند حالة الحمل الثانية كيف يصاب الطفل الثاني باليرقان على الرغم من عدم وجود اي اختلاط بين دمه ودم الام بعد تكوينها للأجسام المضادة عند الحمل الاول ؟

 

ج/ يتكون دم الجنين في الكبد خلال الشهر الثاني من الحمل, ويتم نقل الاوكسجين والغذاء من الام الى جنينها عن طريق المشيمة بخاصية التناضح دون حدوث اختلاط بين دم الام ودم الجنين وهذا يفسر عدم تأثر المولود الاول باليرقان وتجلط الدم (في حال كون Rh للام سالب و Rhللطفل موجب), اما في حالة الحمل في الطفل الثاني وبعد ان قام دم الام بتكوين الاجسام المضادة (Antibodies)للRh+)) في الحمل الاول, فان الطفل يصاب باليرقان وتجلط الدم وقد يؤدي الى وفاته بسبب انتقال الاجسام المضادة عبر المشيمة من دم الام الى دم الجنين كونها منفصلة عن كريات الدم وتوجد في بلازما الدم وليس ضمن تركيب كريات الدم الحمراء.